لقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر عظيم تبقى به الأمم وتزول بزواله ألا وهو الخلق العظيم. قال عليه الصلاة والسلام : ( إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ).
وقال الشاعر شوقي : وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا إن الأخلاق والآداب هما المفتاح الذي من خلاله نستطيع كسب احترام ومحبة الآخرين. وصحبة سيد المرسلين يوم القيامة.
إن الهدف السامي من العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج هو تربية النفس على الفضائل والآداب التي تأدب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وربَّى أصحابه عليها. وهناك الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على الآداب والأخلاق في جميع أمور الحياة ـ كبيرها وصغيرها ـ مع أنفسنا ومع الآخرين .
وفي هذه العجالة لا يمكن حصر جميع هذه الآداب ولكن ما نود أن نركز عليه هو : أدب التعامل مع الآخر، والذي من خلاله يستطيع المرء أن يكون محبوباً عند الآخر ، عند والدك ووالدتك ، عند أخيك وأختك ، عند أصدقائك ، وعند كل من تتعامل معهم في حياتك . ولا نريد أن ندخل في التفاصيل بل نود أن نذكر آداباً عامة في المعاملات :
1 ـ إفشاء السلام : قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) .
2 ـ الاعتذار عند الخطأ : إن كلمة ( آسف ) عند وقوعك في خطأ ما تجاه الآخر أمر في غاية الأهمية ، فهذه الكلمة لابد أن تكون موجودة في قاموسنا . فإذا أخطأت في حق إنسان فلابد أن تبادره مباشرة بكلمة ( أعتذر ـ لقد أخطأت ـ عفواً ... ) .
3 ـ الشكر عند تقديم خدمة :إن كلمة ( شكراً ) ( أشكرك ) تعني الكثير عند هؤلاء الذين يقومون على خدمتنا من عمال وخدم وسائقين ... الخ . وهذا الأمر لا يكلفك شيءاً ، ولكن له من الأثر الطيِّب عند الآخر فاحرص على ذلك دائماً .
4 ـ مساعدة الآخر :إن تقديم المساعدة لشخص يحتاج إليها مبدأ أو أساس ينبغي أن نربي أنفسنا عليه ، وخاصة في مجال الأعمال الخيرية من مساعدة للفقراء والمساكين والمعاقين وكبار السن . فهذا العمل من أجَلِّ الأعمال التي تزيد رصيد حسناتنا ، فلا تتوان في ذلك متى استطعت وشجِّع غيرك عليه. وفي الحديث ( إن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) .
5 ـ تبسّمك في وجه أخيك :قال صلى الله عليه وسلم : ( تبسّمك في وجه أخيك صدقة ) . إن مجرّد الابتسامة الطيبة التي لا تكلفك شيئاً ولا تنقص من رصيدك المالي ، تنال بها الأجر وكذلك تكسب بها صديقاً.
6 ـ كن منصتاً جيداً :الناس بطبيعتهم يحبون أن يتحدثوا ، ولكي تكون محبوباً كن مستمعاً جيداً فلا تلتفت ولا تتلهى في أثناء تحدث الآخر إليك . واقبل عليه بكُلِّيَتِكَ ولا تقاطعه حتى ينهي كلامه أُسوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وإن كان لك ملاحظة على شيء ورد في حديثه فلا تنقص من قدره واذكر إيجابيات الحديث أولاً ثم قدّم ملاحظاتك بهدوء .
7 ـ لا تتعد دور غيرك :إذا كنت في مطعم أو في مطار أو في أي مكان وكان هناك ترتيب للأشخاص وهو ما يسمى ( طابوراً ) فلابد أن تحترم دورك ولا تتعدى الآخرين إلا إذا كان هناك أمر ضروري واستأذنت منهم ، فإذا سمحوا لك فيمكنك أن تتعدى وإلا فابق في مكانك فكل شخص له من الظروف مثل ما لك تماماً .
8 ـ لا تنقل كلاماً لآخر:الوشاية بين أصحابك أو إخوانك من السلوكيات غير المرغوب فيها وربما تفقدك كثيراً من الأصدقاء ، وتجعلك غير محبوب عندهم .
9 ـ التسامح والعفو والصفح :إن تسامحك وعفوك عمَّن أخطأ في حقك أمر محمود في الإسلام وحثّ عليه . قال تعالى : ( وإن تعفوا وتصفحوا فهو خيرٌ لكم ) ، إضافة لأنه من شيم الكرام.
10 ـ المزاح الجارح :إن المزاح الذي ليس فيه تجريح للآخر مقبول ولكن إذا تعدى المزاح إلى مضايقة الآخر أصبح مذموماً وغير مقبول . وأفقدك كثيراً من هيبتك وأسوأ المزاح ما رافقه ازدراء الآخرين أو استعمال الأيدي.
11 ـ لا تقل إلا خيراً :البعض يتفوه بكلمة لا يلقي لها بالاً رغم بساطتها في نظره ، ولكنها كالجبال عند الآخرين توغر الصدور وتفرق الأحباب والأصدقاء. إضافة لما يترتب عليها من الإثم فاجعل لسانك دائماً لا ينطق إلا بالكلام الطيِّب الذي تكسب به أصدقاءك وتقربك أكثر من الآخرين .
12 ـ احترام الكبير والرحمة بالصغير :إن احترامك لمن هو أكبر منك سناً أمر في غاية الأهمية فكما تريد من الأصغر أن يحترمك ، فعليك أن تحترم من هو أكبر منك وكذلك أن ترحم من هو أصغر منك ، وتذكر نفسك وأنت صغير كيف كان الجميع يحيطك بجو من العناية والرعاية والعطف. قال عليه السلام : ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويعطف على صغيرنا )